محافظات

​من قلب "ألماظة" إلى أحضان الصعيد.. أسيوط تدشن عصرًا جديدًا للسياحة الدينية عبر "الجسر الجوي" ومسار العائلة المقدسة يتصدر المشهد العالمي

19 نوفمبر 2025 02:47 م

أمير عرفه

أبو النصر يستقبل وفد من معلمي وتلاميذ "مدرسة دريم إنترناشونال"

سَطَّرت محافظة أسيوط، عاصمة الصعيد العريقة، فصلًا جديدًا في كتاب السياحة المصرية، معلنة عن انطلاق مرحلة غير مسبوقة من الجذب السياحي والاستثماري، لم تعد فيها المسافات عائقًا، بل تحولت إلى جسور ممتدة عبر السماء تربط القاهرة بقلب الصعيد. وفي خطوة استراتيجية تعكس رؤية الجمهورية الجديدة، نجحت المحافظة في تفعيل الرحلات الجوية المنتظمة، لتتحول المزارات الدينية التاريخية من مجرد أماكن أثرية إلى قبلة عالمية تنبض بالحياة.

​جسر جوي يختصر المسافات ويدعم “رؤية 2030”

​لم تكن الرحلة الجوية القادمة من مطار ألماظة بالقاهرة، والتي حطت رحالها في مطار أسيوط الدولي، مجرد رحلة عابرة، بل جاءت تدشينًا فعليًا لمبادرة ربط العاصمة بمحافظات الصعيد خطوة بخطوة. وقد أكد اللواء دكتور هشام أبوالنصر، محافظ أسيوط، أن هذه الرحلات الأسبوعية المنتظمة تمثل حجر الزاوية في خطة المحافظة لتعزيز القطاعين السياحي والاستثماري، تنفيذًا للتوجيهات المباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتناغمًا مع مستهدفات "رؤية مصر 2030" التي تضع تنمية الصعيد على رأس أولوياتها.

​واعتبر المحافظ أن هذا الربط الجوي يمثل "شريان حياة" جديد، يسهل تدفق عشاق التراث الروحي والتاريخي إلى واحدة من أهم نقاط مسار العائلة المقدسة في العالم، مما يفتح آفاقًا اقتصادية وتنموية واسعة للمحافظة.

​تلاقح ثقافي في رحاب "المحرق".. والروس ينضمون للمشهد

​شهدت الرحلة الأخيرة وصول وفد مميز ضم نخبة من معلمي وتلاميذ "مدرسة دريم إنترناشونال"، الذين جاءوا خصيصًا لاستكشاف الكنوز الروحية التي تخبئها أسيوط بين جنباتها. وفور وصولهم، وجدوا في استقبالهم فريقًا متخصصًا من إدارات السياحة والتعاون الدولي، لضمان تقديم تجربة ضيافة تليق بكرم الصعيد وتسهيل كافة إجراءاتهم، مما عكس صورة حضارية مشرفة.

​بدأت المغامرة الروحية من مركز القوصية، وتحديدًا داخل أسوار "دير المحرق" العريق. وهناك، لعبت الصدفة دورًا رائعًا في رسم لوحة إنسانية فريدة، حيث تزامن وصول الوفد المدرسي مع وجود وفد سياحي كبير من دولة روسيا. تلاحمت الثقافات المختلفة في بقعة واحدة جمعها التاريخ والقداسة، وقام الراهب روفائيل، رفقة عدد من الآباء والقساوسة -نيابة عن الأنبا بيجول أسقف الدير- بتقديم شرح وافٍ وتفصيلي للوفدين حول تاريخ الكنائس الأثرية والحصن التاريخي الصامد عبر الزمن، وسط أجواء غمرتها الروحانية والبهجة.

​من "منفلوط" إلى "درنكة".. بنية تحتية تخدم التاريخ

​واصلت الوفود رحلتها لاستكشاف معالم المسار المقدس، متوجهين إلى دير الأمير تادرس الشطبي بمركز منفلوط. ولمس الزوار، سواء من المصريين أو الأجانب، حجم الجهد المبذول في تطوير الطرق والمحاور المؤدية لهذه المزارات. وفي هذا السياق، شدد اللواء "أبوالنصر" على أن المحافظة لا تكتفي بالترويج السياحي فحسب، بل تعمل بالتوازي على رفع كفاءة البنية التحتية المحيطة بالمناطق الدينية، وهو ما أثنى عليه رهبان الدير وأعضاء الوفود الذين لاحظوا النقلة النوعية في مستوى الخدمات والطرق الممهدة.

​ختام "مسك" في حضرة العذراء.. والمحافظ يستقبل الزوار

​اختتمت الجولة الثرية في واحدة من أهم بقاع العالم المسيحي، "دير السيدة العذراء" بجبل درنكة. وفي لفتة تعكس اهتمام القيادة التنفيذية أدق التفاصيل، حرص المحافظ هشام أبوالنصر على استقبال الوفد بنفسه في المحطة الأخيرة، مستمعًا إلى انطباعاتهم بكل اهتمام.

​وجاءت كلمات الزوار لتؤكد نجاح الرهان؛ إذ أعربوا عن انبهارهم بالطفرة التنموية الشاملة التي تشهدها أسيوط، مؤكدين أن ما رأوه من دمج بين عبق التاريخ وحداثة الخدمات يعكس وجه مصر المشرق والقادر على التجدد.

​رسالة مفتوحة للعالم

​وجه محافظ أسيوط رسالة ختامية واضحة، قائلًا: "نحن نعمل يومًا بعد يوم ليكون مسار العائلة المقدسة مشروعًا عالميًا بحق، ولتصبح أسيوط رقمًا صعبًا في معادلة السياحة الدينية". وأضاف أن المحافظة تفتح ذراعيها لاستقبال العالم، واعدة بتجربة سياحية لا تُنسى، مؤكدًا أن خط الطيران الجديد ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو جسر يربط ماضي الأجداد بمستقبل الأحفاد، ويفتح أبواب الاستثمار في قلب الصعيد على مصراعيها.