سياسة

توافق مصري روسي حول مختلف القضايا الإقليمية

19 نوفمبر 2025 02:28 م

الرئيسان المصري والروسي

حرصت مصر وروسيا في السنوات العشر الماضية على التنسيق المشترك والتشاور المستمر بشأن القضايا الملحة إقليميا وعالميا، وبرز ذلك بشكل واضح في المشاورات والاتصالات المستمرة بين وزير الخارجية بدر عبد العاطي ونظيره الروسي سيرجى لافروف في قضايا غزة والسودان وليبيا، والتي كان آخرها هذا الأسبوع. 

توافق مصر روسي حول القضية الفلسطينية 

تعترف روسيا بالدور البارز الذى لعبته مصر ولا تزال من أجل استمرار وقف إطلاق النار في غزة. وأشادت بجهود القاهرة من أجل وضع حد للحرب الإسرائيلية الوحشية التي استمرت على القطاع لمدة عامين. وخلال زيارته للقاهرة الشهر الماضي، أشاد سيرجي باجينوف، نائب رئيس اللجنة الروسية للتضامن مع شعوب أفريقيا وآسيا، بدور مصر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتنظيم قمة السلام في مدينة شرم الشيخ، مؤكدًا دعم روسيا لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

كما تشارك روسيا مصر في رؤيتها بضرورة إقامة دول فلسطينية كحل للصراع المستمر منذ عقود، وخلال الاتصال الهاتفي بين عبد العاطي ولافروف الأحد الماضي، تطرقا إلى الجهود المصرية المستمرة لتثبيت اتفاق شرم الشيخ للسلام، حيث أكد عبد العاطي أهمية المضي قدماً في تنفيذ كافة بنود الخطة التي أُطلقت خلال قمة شرم الشيخ للسلام، والتي توفر مساراً عملياً لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة. وأكد لافروف بدوره وجهة النظر المشتركة حول أهمية التوصل إلى تسوية طويلة الأمد للقضية الفلسطينية، استنادا إلى إطار قانوني دولي راسخ.

وفيما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة، أبدت روسيا تقديرها للمساعي المصرية في هذا الشأن، حيث تستضيف القاهرة هذا الشهر مؤتمراً لمناقشة إعادة الإعمار، والذى يعد نقطة رئيسية تحشد لها مصر كافة الأطراف الدولية كي يستعيد الشعب الفلسطيني في القطاع حقه في الحياة.

وخلال زيارة سيرجى شويجو، أمين مجلس الأمن الروسي للقاهرة هذا الشهر، كانت غزة جزءاً من مباحثاته مع الرئيس السيسي وكبار المسئولين.

ويقول الخبراء إنه على الرغم من أن روسيا ليست لاعباً مركزياً في مسار التفاوض الفلسطيني–الإسرائيلي، فإنها تملك ثقلاً دبلوماسياً كعضو دائم في مجلس الأمن، وقدرتها على استخدام أدوات سياسية ودبلوماسية يمكن أن تشكل رصيداً إضافياً للدور المصري الذي يتحمل العبء الأكبر في إدارة التهدئة، ومنع تصعيد أوسع قد يجر المنطقة إلى مواجهة ممتدة .كما تتمسك القاهرة بمبدأ حل الدولتين باعتباره الإطار الوحيد القابل للحياة لتحقيق سلام عادل ودائم، وهو موقف يحظى بقبول روسي، ويمنح القاهرة مرونة في إدارة جهودها السياسية تجاه الأطراف الدولية، بعيداً عن الاستقطابات الحادة. 

موقف مشترك

يعد التنسيق بين مصر وروسيا في الملف الليبي أحد أبرز مجالات التعاون الاستراتيجي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، حيث يرتبط استقرار ليبيا مباشرة بالمصالح الأمنية والاقتصادية لكل من القاهرة وموسكو.

فقد أدرك كلا البلدان أن الفراغ السياسي والعسكري في ليبيا بعد 2011 فتح الباب أمام انتشار التنظيمات المتطرفة وازدهار شبكات تهريب السلاح والهجرة غير الشرعية، وهو ما يمس الأمن القومي المصري على الحدود الغربية، ويؤثر في الوقت نفسه على مسارات النفوذ الروسي في البحر المتوسط وشمال أفريقيا.

لذلك، تبنت  مصر وروسيا رؤية متقاربة تقوم على دعم مؤسسات الدولة الليبية الموحدة، ورفض تفكك الدولة أو تقسيمها إلى كيانات متصارعة، وتجلى ذلك في تشديدهما المستمر على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية عبر حوار بين كافة الأطراف الليبية، ودمج الترتيبات الأمنية في إطار واحد يضمن وحدة الجيش الليبي وقدرته على فرض الاستقرار.

وتتفق مصر وروسيا على ضرورة منع تمدد الميليشيات المتطرفة غرباً وشرقاً، وضبط تدفقات السلاح، ومنع استخدام الأراضي الليبية كنقطة انطلاق لتهديد الدول المجاورة. لذلك، تعزز مصر وموسكو التعاون والتنسيق في هذا الشأن لأن استقرار ليبيا يمثل عنصراً أساسياً في محاربة الإرهاب في المنطقة.

ويجمع مصر وروسيا إدراك مشترك بأن استعادة ليبيا لدورها الطبيعي كدولة مستقرة يمثل مصلحة قومية لكلتيهما، ويعزز مكانتهما كفاعلَين رئيسيين في صياغة التوازنات الإقليمية في شمال أفريقيا.

الأزمة السودانية

تعرب مصر وروسيا عن رفضهما إقامة «كيانات موازية» في السودان، وتتفق البلدان بشأن ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد، بعد سقوط مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور في غرب السودان تحت قبضة ميليشيات الدعم السريع.

وخلال الاتصال الأخير بين عبد العاطي ولافروف، شدد وزير الخارجية على ثوابت موقف مصر الداعم لوحدة السودان واستقراره، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها القاهرة في إطار الآلية الرباعية بهدف تحقيق التهدئة والتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار

وشدد الوزير المصري على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان هدنة إنسانية شاملة وفتح الممرات الآمنة لتسهيل دخول المساعدات إلى المناطق المتضررة، مندداً بالانتهاكات التي شهدتها مدينة الفاشر، معرباً عن قلق مصر من تدهور الأوضاع الإنسانية واستمرارها في تقديم الدعم الإغاثي للسودانيين.