محافظات

​«آخرتها مدرسة ألعاب؟».. حكاية كفاح ابنة أسيوط التي تحدت سخرية الصعيد لها لتصبح أول حكم دولي في تاريخ الصعيد

04 نوفمبر 2025 10:06 م

أمير عرفه

مراسل موقع بصراحة أثناء اللقاء الصحفي مع الدكتور آمال حسن

لم تكن رحلتها مفروشة بالورود، بل كانت طريقًا شاقًا مليئًا بالتحديات، والسخرية، والسفر لتحقيق حلمها، ولتثبت للجميع أن تقاليد الصعيد لا تمنع ابنته من الوصول إلى العالمية.

إنها الدكتورة آمال حسن حسين، ابنة مركز ساحل سليم بمحافظة أسيوط، التي لم تكتفِ بالوصول إلى درجة الدكتوراة والعمل كمدرس بكلية علوم الرياضة بجامعة أسيوط، بل حطمت كل القيود المجتمعية لتصبح أول حكم كرة قدم دولي (فيفا) في تاريخ الصعيد بأكمله، من بني سويف حتى أسوان.

​في لقاء حصري وخاص لـ**«موقع بصراحة الإخباري»**، كشفت الدكتورة آمال (30 عامًا)، أصغر إخوتها الـ 12 (4 أولاد و8 بنات)، عن الكواليس الخفية لرحلة صعودها، والتي بدأت برفض عائلي تام في مجتمع صعيدي له عاداته وتقاليده الراسخة.

​تبدأ القصة، كما ترويها آمال، منذ لحظة اختيارها لكلية التربية الرياضية، وهي اليتيمة التي فقدت والدها وهي في الثانية من عمرها. "العائلة كلها كانت معترضة"، هكذا قالت لـ«بصراحة»، مضيفةً أنهم سخروا منها قائلين: "يعني هتطلعي مدرسة ألعاب؟". كان الرفض قاطعًا، خاصة من شقيقها الأكبر الذي لم يتقبل فكرة عملها كمدربة أو حكم، نظرًا لتقاليد أسيوط الصارمة، وأوضحت أنه على الرغم من رفضهم في البدايات، أصبحت العائلة في النهاية هي أكبر داعمٍ وسندٍ لها.

​وأكدت قائلةً: «لولا وقوف أشقائي بجانبي ومساندتهم لي ما كنتُ لأصل إلى هذه المكانة».

​بدأت آمال، خريجة قسم التدريب دفعة 2017، مسيرتها كلاعبة في نادي الشبان المسلمين عام 2015، وهو أول فريق كرة قدم نسائي يُؤسس في الصعيد. وبعد تفكك الفريق بسبب قلة الإمكانيات، اتجهت للتدريب في أكاديمية الزمالك، لتصبح من أوائل المدربات اللاتي يدربن فرق أولاد في أسيوط، قبل أن يستهويها مجال الصافرة.

​وفي عام 2019، التحقت بمجال التحكيم، لتتدرج بسرعة مذهلة. "الحمد لله، في 2021 كنت مرشحة للقائمة الدولية، لكن ربنا مأردش"، تقول آمال، "لكن في 2025 ربنا كرمني وتم اختياري رسميًا".

​هذا الاختيار لم يكن مجرد ترقية وظيفية، بل كان كسرًا لحاجز تاريخي، وهو ما أكدته بقولها: "أنا أول بنت في الصعيد كله، من أول بني سويف لأسوان، تدخل مجال التحكيم الدولي"، مؤكدة أن هذا الإنجاز يضع مسؤولية كبرى على عاتقها لتمثيل الصعيد ومصر بصورة مشرفة.

​وبالفعل، بدأت مسيرتها الدولية سريعًا، حيث شاركت مؤخرًا في تحكيم مباريات بطولة شمال إفريقيا، ثم تم اختيارها لإدارة مباريات هامة في تصفيات كأس الأمم الإفريقية للسيدات المؤهلة لكأس العالم، وكانت حَكَماً مُساعدةً في المباراة التي جمعت بين صاحب الأرض منتخب الكوت ديفوار والسنغال.

​رحلة "آمال" لم تكن رياضية فقط، بل كانت أكاديمية بامتياز. فبعد تخرجها عام 2018 (وهي الثالثة على قسمها)، لم يحالفها الحظ في التعيين الأول بالجامعة، لكنها عينت في الدفعة التالية عام 2019. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف عن الكفاح، لتنال مؤخرًا درجة الدكتوراة بعد مشقة كبيرة، وتصبح مدرسًا رسميًا بكلية علوم الرياضة بجامعة أسيوط.

​واختتمت الدكتورة آمال حسن حسين حديثها لـ**«بصراحة»** برسالة قوية لكل فتاة في الصعيد: "متسمعيش لكلام أي حد. طالما أنتي بتعملي حاجة بتحبيها ومبتعمليش حاجة غلط، كملي في طريقك، وحطي هدف قدامك، وهتوصلي".