
تحل اليوم ذكرى ميلاد الفنان الراحل محمود عبد العزيز، أحد أعمدة الفن المصري والعربي، وصاحب المسيرة الاستثنائية التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، ليصنع خلالها رصيدًا لا يُنسى من الأعمال السينمائية والدرامية، جعلت منه "ساحر الشاشة" وأحد أكثر الفنانين تأثيرًا في وجدان الجمهور.
ولد محمود عبد العزيز في 4 يونيو 1946 بمدينة الإسكندرية، وتخرج في كلية الزراعة جامعة الإسكندرية، حيث بدأت موهبته الفنية تظهر من خلال مشاركته في المسرح الجامعي، ومنها انطلق إلى الشاشة الصغيرة في فترة السبعينيات قبل أن يحقق انطلاقته السينمائية الكبرى.
لم يعتمد محمود عبد العزيز على وسامته التي فتحت له أبواب السينما، بل سعى منذ بداياته إلى التمرد على الأدوار النمطية، وقدم تنوعًا لافتًا في شخصياته.
لعب دور الشاب الرومانسي، والمجرم، والصعيدي، والمثقف، وضابط المخابرات، والمريض النفسي، في مسيرة استثنائية جعلته مرآة للمجتمع المصري بكل تحولاته.

ملحمة وطنية لا تنسى لـ محمود عبد العزيز
قدّم محمود عبد العزيز واحدًا من أهم أدواره في الدراما التلفزيونية، عبر مسلسل "رأفت الهجان"، الذي جسد فيه قصة الجاسوس المصري رفعت الجمال داخل إسرائيل، ولاقي نجاحًا كبيرًا وتفاعلًا واسعًا من الجمهور على تميزه في تقديم الدور وصدقه في الأداء.
ومسلسل “رأفت الهجان” الذي كتبه الراحل صالح مرسي وأخرجه يحيى العلمي، يُعد واحدًا من علامات الدراما المصرية، حيث ترسّخت شخصية "رأفت" في وجدان الأجيال، وكان أداء الساحر فيه مثالًا للصدق الفني والإقناع.
كيف تحول لقب الساحر من فيلم إلى هوية؟
لم يكن فيلم "الساحر" مجرد محطة فنية بل أصبح عنوانًا دائمًا لمحمود عبد العزيز، الفيلم الذي عُرض عام 2001 وأخرجه رضوان الكاشف، أبرز قدرته على تقديم الشخصيات المركبة والمثيرة للجدل، ورسّخ صورته كفنان لا يهاب المغامرة.

أبرز أعمال محمود عبد العزيز
قدّم محمود عبد العزيز أكثر من 80 فيلمًا سينمائيًا من أبرزها: “الكيت كات”، أحد أعظم أفلامه مع المخرج داود عبد السيد، الذي جسد فيه شخصية "الشيخ حسني"، الكفيف المتمرد على واقعه، وفيلم “العار”مع نور الشريف وحسين فهمي، وهو من كلاسيكيات الثمانينيات، و"إبراهيم الأبيض"، "إعدام ميت"، "جري الوحوش"، "البريء" وغيرها من الأعمال التي حملت البعد الاجتماعي والوطني والنفسي.
آخر ظهور لـ محمود عبد العزيز
كان آخر ظهور درامي له في مسلسل "رأس الغول" عام 2016، قبل أن يرحل في نوفمبر من نفس العام بعد صراع قصير مع المرض، تاركًا وراءه فراغًا فنيًا لا يُملأ، وقلبًا كبيرًا في ذاكرة جمهور الذي أحبّه بصدق.

ولم يكن محمود عبد العزيز نجمًا عابرًا في تاريخ الفن العربي، بل كان مدرسة فنية متكاملة في الأداء والتجدد والإنسانية.
لم يسعَ إلى البطولة المطلقة قدر سعيه إلى تجسيد الحقيقة على الشاشة، وهو ما جعله محبوبًا من أجيال مختلفة من دون صخب أو ضجيج.