
يعاني كثير من المصلين من شرود الذهن وكثرة التفكير أثناء الصلاة، حيث تطرأ على أذهانهم خواطر شتى قد تلهيهم عن الخشوع. وهنا يتساءل البعض: هل تؤثر هذه الأفكار على صحة الصلاة؟ وهل تُعد الصلاة في هذه الحالة غير مقبولة؟.
في هذا السياق، أجاب الشيخ محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال ورد إليه من أحد الأشخاص يشكو من كثرة الوساوس التي تراوده خلال الصلاة، ويتساءل: هل هذه الوساوس تجعل صلاتي باطلة؟ رغم أنني أحاول قدر الإمكان دفعها؟.
الإفتاء: الصلاة صحيحة ما دام المصلي يؤدي أركانها
الشيخ محمد عبد السميع، قال إن الصلاة في هذه الحالة صحيحة ومقبولة بإذن الله، بل إن وجود هذه الخواطر هو دليل على محاولة الشيطان التشويش على المصلي، وهو ما يدل على حرص الإنسان على صلاته.
ونصح أمين الفتوى المصلي بعدم الانشغال بمقاومة هذه الوساوس، موضحًا:"لا تجهد نفسك بمحاربتها، لأن ذلك قد يزيد من حدة الوسوسة، بل انشغل بالصلاة نفسها وأدّها بخشوع قدر المستطاع".
ودعا إلى التركيز على أداء أركان الصلاة الأساسية مثل تكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، وسورة قصيرة، ثم الركوع والسجود، دون إعطاء هذه الوساوس أهمية كبيرة.

وتابع:"استمر في صلاتك، ولا تجعل الوساوس تشغلك أو تؤثر على يقينك بأن صلاتك صحيحة، فهي لا تُنقص من صحتها شيئًا، فلا تُدخل نفسك في دوامة الوسوسة".
وأكد الشيخ أن معظم الناس يتعرضون لمثل هذه الخواطر أثناء الصلاة، مشددًا على أنها أمر طبيعي ولا ينبغي أن تتحول إلى حالة مرضية أو وسواس قهري.
كيف يمكن علاج الوسوسة في الصلاة والوضوء؟
تعد الوسوسة من أبرز ما يواجه المسلم أثناء الصلاة، وهي من أساليب الشيطان الذي يُعرف في هذا السياق باسم "خنزب"، ويهدف إلى التشويش على المصلي ومنعه من الخشوع.
ولعلاج الوسوسة في الصلاة والوضوء، يُنصح بما يلي:
الإخلاص في النية: أن تكون نية الصلاة خالصة لوجه الله.
الاستعاذة من الشيطان: قول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" قبل بدء الصلاة.
التأمل في عظمة الله: قبل بدء الصلاة، لاستحضار هيبة الموقف.
الثقة بالله والتوكل عليه: الإيمان بأن الله سيعين العبد على الخشوع.
اختيار مكان هادئ للصلاة: لتجنب أي مشتتات خارجية.
الدعاء أثناء السجود: بطلب العون من الله لطرد الوساوس.
الجهر في الصلاة الجهرية: لسماع المصلي صوته مما يساعد على التركيز.
تجاهل الوساوس: وعدم إعطائها حجمًا أكبر مما تستحق.
موقف من السيرة النبوية
ورد في الحديث الشريف أن عثمان بن أبي العاص شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وسوسة تُفسد عليه صلاته، فقال له النبي:"ذاك شيطان يُقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثًا".
قال عثمان: "ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني". (رواه مسلم)